تسلط هذه الورقة الضوء على بعض المخاوف الرئيسية المتعلقة بتغيرات المناخ في المهرة، وتهدف إلى لفت انتباه أصحاب المصلحة وصناع القرار إلى بعض نقاط الضعف التي يجب النظر فيها عند وضع السياسات والاستراتيجيات والبرامج استعدادًا للظواهر الجوية المتطرفة المستقبلية في المهرة.
أكد جميع الخبراء الذين تمت مقابلتهم في كتابة هذا التقرير على الحاجة إلى استعداد أفضل لإدارة آثار تغيرات المناخ. ولكن هناك العديد من القيود المتعلقة بتوافر البيانات فهناك فجوات كبيرة يتطلب سدها بحثًا ميدانيًّا في الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمحلية في المهرة.
الملخص التنفيذي
تبرز التغيرات المناخية وآثارها بوضوح في اليمن، وتشمل مؤشراتها الجفاف والفيضانات الشديدة والآفات وتفشي الأمراض والتغيرات في أنماط هطول الأمطار وزيادة تواتر العواصف وشدتها وارتفاع مستويات مياه سطح البحر.
وتشكل هذه التغيرات وآثارها تهديدًا للنظم الطبيعية في البلاد والمجتمعات التي تعتمد على الموارد الطبيعية. لم تُستثنى محافظة المهرة -التي يعتمد سكانها بشكل كبير على صيد الأسماك والرعي والزراعة- من الظواهر الجوية الشديدة الناتجة عن تغير المناخ إذ ازداد تعرضها للأعاصير والفيضانات في السنوات الأخيرة.
فعلى سبيل المثال، شهدت المحافظة فيضانات مفاجئة عام 2008، والأعاصير المدارية تشابالا وميج عام 2015، وساجار ومكونو ولبان عام 2018، ما أدى إلى خسائر في الأرواح وموجات نزوح وتدمير سبل العيش، إضافة إلى أضرار واسعة النطاق طال الكثير من المنازل والممتلكات والأراضي الزراعية ومعدات الصيد والبنية التحتية. ومن المتوقع أن تشهد المحافظة عواصف أكثر تواترًا وشدة، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على سبل عيش سكان المهرة.
خلقت الخصائص الجغرافية والمناخ شبه الجاف السائد في المهرة مجموعة واسعة من الموائل والأنظمة الغنية التي تدعم تجمعًا كبيرًا لأنواع من النباتات والحيوانات النادرة والمهددة بالانقراض. وتشمل نظم التنوع البيولوجي المهمة و المعرضة لتأثيرات تغير المناخ والتي تتطلب اعتبارات خاصة في المحافظة، محمية حوف وبحيرات عبدالله غريب وشاطئ قشن.
تشمل الخطوات التي يجب أخذها والتوصيات ما يلي:
- إجراء تقييم شامل لأثر تغير المناخ والتكيف معه.
- تطوير واعتماد وتنفيذ خطة استجابة للكوارث.
- إنشاء صندوق طوارئ للكوارث الطبيعية على مستوى المحافظة.
- وضع وتنفيذ برنامج توعية بشأن المخاطر والكوارث التي يسببها تغير المناخ.
- وضع خطة متكاملة لإدارة استخدام الأراضي.
- إجراء تقييمات الأثر البيئي كجزء لا يتجزأ من أنشطة التنمية.
- تفعيل وتطبيق مشروع خطة الإدارة الحالية لمحمية حوف.
مقدمة
تجمع وثائق السياسات والتقارير الفنية التي أُعدت في سياق التغييرات المناخية في اليمن على أن تغير المناخ ظاهرة واضحة تهدد اليمن ومجتمعاته المحلية وأنظمة التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية. حذر مسؤولو البيئة اليمنيون منذ أكثر من عقد من أن البلاد المصنفة من بين أقل البلدان نماءً في العالم “معرّضة بشدة للآثار المتعلقة بتغير المناخ مثل الجفاف والفيضانات الشديدة والآفات والتفشي المفاجئ للأمراض وتغيرات أنماط هطول الأمطار وزيادة وتيرة وشدة العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر”.
تمثل الزراعة البعلية الموسمية الدعامة الأساسية للحياة في المناطق الريفية في المهرة، وينطبق الحال ذاته على العديد من المناطق الريفية في البلاد، الأمر الذي يجعل اليمنيين بشكل عام “معتمدين بشكل كبير على الظروف المناخية المواتية لكسب عيشهم”. يعمل السكان المحليون في المناطق الداخلية في تربية الحيوانات وزراعة المحاصيل لتلبية الاحتياجات الغذائية لأسرهم وتأمين مصدر دخل، سواء بشكل مباشر من خلال الزراعة أو بشكل غير مباشر من خلال تجارة المنتجات الزراعية، في حين يعتمد سكان الساحل بشكل كبير على الموارد البحرية لكسب عيشهم، وخاصة الأنشطة المتعلقة بصيد الأسماك.
تتمتع المهرة أيضًا بمجموعة من النظم البيئية الفريدة، من الشعاب المرجانية قبالة شواطئها إلى الشواطئ الرملية والأراضي الرطبة في المنطقة الساحلية وكذلك الغابات الجبلية. وبالتالي فإن الاستعداد لتجنب تفاقم التهديدات والآثار الناجمة عن تغير المناخ في المستقبل -سواء على البيئة المتنوعة بيولوجيًّا للمحافظة أو على سكانها المحليين وبنيتها التحتية واقتصادها- ضروري في عمليات صنع القرار على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية.
يسعى موجز السياسة هذا إلى تسليط الضوء على بعض المجالات الرئيسية ورفع مستوى الوعي بين أصحاب المصلحة -خاصة القائمين على التخطيط وصنع السياسات- حول القضايا المتعلقة بالمناخ والتي يجب أخذها في الاعتبار عند صياغة السياسات ووضع الاستراتيجيات والبرامج لمحافظة المهرة، كما يهدف إلى تقديم إرشادات من شأنها تعزيز الصمود وبناء القدرات التكيفية للمجتمعات المحلية الضعيفة في مواجهة التغيرات المناخية وكذلك تخفيف تأثير هذه التغييرات على الموارد الطبيعية في الوقت الحالي والمستقبل.
خلفية
السكان
المناخ
التنوع البيولوجي
![]() |
مصدر الصور: جوجل إيرث 15 فبراير/شباط 2021. |
أوجه الضعف وتأثيرات تغير المناخ
الزراعة والأمن الغذائي
قال عبد الحكيم راجح، أخصائي التنوع البيولوجي في الهيئة العامة لحماية البيئة في عدن، إن الفيضانات في المهرة الناتجة عن عواصف السنوات الأخيرة تسببت في انهيارات أرضية وتعرية كبيرة للتربة واقتلعت الغطاء النباتي في المناطق المرتفعة. وأضاف إن الناس في المناطق الزراعية المنخفضة شاهدوا مواشيهم وأراضيهم تُجرف.
قال عبد الناصر كلشات، رئيس الهيئة العامة للمصائد السمكية بالمهرة، إن جزرًا صغيرة وحواجز برية ظهرت قبالة الشاطئ بعد أعاصير 2018، خاصة في منطقة محيفيف، ويبدو أن ذلك يعود للكميات الهائلة من التربة والأراضي الزراعية التي جُرفت إلى البحر. وقال كلشات: “بين عشية وضحاها، لم تُترك شجرة واحدة في بعض الوديان”، مشيرًا إلى أن الأمطار الغزيرة والفيضانات غيّرت بشكل كبير تضاريس الوديان ومجاريها، وهي مجاري الأنهار الجافة التي تُملأ موسميًّا.
التأثيرات على الموائل والتنوع البيولوجي
قال راجح، خبير التنوع البيولوجي، إن الحياة النباتية في محمية حوف تدهورت بسبب فترات الجفاف الطويلة. وأشار إلى ظهور أنواع جديدة من النباتات الغريبة تنافس الأنواع المستوطنة. وأضاف أنه نظرًا لمستوى ارتفاع المحمية، فقد كانت أقل تأثرًا بالعواصف الشديدة في السنوات الأخيرة مقارنة بالمناطق الواقعة في اتجاه مجرى النهر، في حين اقتصرت الانهيارات الأرضية وتآكل التربة واقتلاع الأشجار بشكل أكبر على أطراف المحمية.
قال سالم رعفيت وهو مدير محمية حوف ومدير فرع الهيئة العامة لحماية البيئة في المهرة بالإنابة، إن تضاريس حوف الجبلية تسبب في تدفق مياه الأمطار الغزيرة بسرعة نحو المناطق المنخفضة وتنتهي إلى البحر. وأضاف أنه يجب بناء السدود، بحيث يمكن جمع المياه المفقودة بشكل روتيني وتخزينها لاستخدامها خلال فترات الجفاف.
التحديات والتوصيات
توصيات للسلطات المحلية لحماية البيئة
- تحديد النظم والموائل البيئية الحالية وكذلك الأنواع المستوطنة والمهددة بالانقراض من النباتات والحيوانات وأعدادها.
- مسوحات لجمع بيانات دقيقة عن مواقع وحجم الأراضي المنخفضة والأراضي الرطبة المعرضة للفيضانات بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر.
- مسوحات لجمع المعلومات الاجتماعية والاقتصادية لتحديد حجم وكيفية المجتمعات المحلية وسبل عيشهم.
- قوائم جرد للممتلكات العامة والخاصة الواقعة على مسافة معينة من الخط الساحلي والتي يمكن أن تتأثر بارتفاع مستوى سطح البحر.
- تقييم أنواع ودرجة الحساسيات ومواطن الضعف وآثار تغير المناخ على الموارد البيئية والفئات الضعيفة.
- وضع مجموعة من تدابير التكيف المحتملة الموصى بها للتعامل مع تأثيرات تغير المناخ وتدابير بناء قدرة الموارد الطبيعية الضعيفة على الصمود وكذلك المجتمعات والمجموعات المعرضة للخطر.
- فرض إجراء تقييمات الأثر البيئي كجزء لا يتجزأ من أنشطة التنمية.
- تطوير وتنفيذ برنامج توعية بشأن المخاطر والكوارث التي يسببها تغير المناخ. يجب أن يصمم البرنامج لاستهداف أصحاب المصلحة المعنيين على جميع المستويات، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات وصناع القرار والسياسات والأفراد ذوي الخبرة الفنية والطلاب. على الأنشطة المقترحة أن تهدف إلى إنشاء أساس ملموس للأفراد لبناء مرونتهم وقدرتهم على التكيف مع الآثار القصيرة والطويلة المدى لتغير المناخ، ويمكن أن تشمل الأنشطة: الاجتماعات الفنية، وورش العمل، والتدريب العملي، وإنتاج المواد التوعوية وتوزيعها مثل المنشورات والكتيبات والملصقات.
- الحفاظ على النباتات والأراضي الحرجية من أجل الحفاظ على الغطاء الأخضر، وبالتالي التخفيف من تآكل التربة الذي يمكن أن يوسّع التصحر.
- حماية أنواع النباتات والحيوانات المستوطنة والمهددة بالانقراض وموائلها.
- مساعدة السكان المحليين على فهم وكيفية استخدام الموارد البيئية للمنطقة المحمية بطريقة مستدامة، وكيفية العمل يدًا بيد لحماية الموارد المحدودة للمنطقة.
إرسال تعليق